900
900
إجعل الذكاء الإصطناعي يعمل من أجلك
الثقافة

” نصوص أثمة ” تفتتح أولي ندوات بيت الشعر في العام الجديد 28 قصيدة نثرية لهبة السيد مفعمة بالحب ..وتناقش ظاهرة الوجود

900
900

كتب / نادر أحمد
إفتتح ديوان “نصوص آثمة نمت على الحائط الأزرق ” للشاعرة هبة السيد عبد الوهاب أولي ندوات العام الجديد لبيت الشعر التابع لوزارة الثقافة ، والذي ضم 28 قصيدة من القصائد النثرية ،وحضر الندوة الشعرية نخبة من النقاد والادباء، وأدارها الشاعر أشرف أبوجليل، بينما إستهل الشاعر السماح عبد الله مدير بيت الشعر الندوة مؤكداً بأن ديوان ” نصوص آثمة نمت على الحائط الأزرق ” للشاعرة هبة عبد الوهاب ينتمي لمرحلة “ما بعد الحداثة” فهو يحتاج إلى نقاد خاص، وإلى نقد جديد له علاقة بالمنتج الإبداعي الجديد، فقد أصبح سمة لبعض المبدعين على الساحة ، ويمكننا القول أنها ظاهرة تحتاج إلى رصد نقدي لمتابعة الحالة الإبداعية المعاصرة واستخراج جماليتها.
وبدأ أمجد ريان ناقد الحداثة ومؤسس جماعة ومجلة الفعل الشعري وأحد شعراء السبعينات باب المناقشة ، مشيراً الى أن الشاعرة هبة عبد الوهاب تطرقت بشكل مختلف لظاهرة الوجود التي شغلت كل الفلاسفة، وقال يمكن القول أن الشاعرة تبدو بريئة في ديوانها الماكر جدا، فهى تستخدم الأبعاد الجديدة في الحياة، وتجلى ذلك جليا في قصيدة “البعد الرابع” التي جاءت مدخلا جيدا لجميع قصائد الديوان الذي انشغل بجميع الأشياء من حولها رغم أنها تحرص على عدم ازعاجها .
( كتابة ملائكية )
وتخلص الشاعرة للكتابة جدا،وجاء هذا واضحا في قصيدة “كتابة ملائكية الطلة” التي تؤكد أنها لم تتسول القروش في ساحة المملكة، وقامت فيها بثورة عارمة حيث “قتلت الحظر وصرعت النكز وأسالت دم الدهشة وأفسدت علامات الضحك والبكاء وركلت السي فرست لحائطها الافتراضي.
وأكد أمجد ريان أن الشاعرة تريد أن تلتهم كل الأشياء وتتقمص جميع الأدوار في ديوانها، رغم أنها تشبه أبيها وتحب الحياة وتجلّ القيمة، وتعلم أهمية أن تنتمي، فهى ترفض كل المعاني الكاذبة التي أوجدتها الحياة الافتراضية، فهى شاعرة تجيد في ديوانها صناعة صورة شعرية فائقة وخاصة جدا ، قادرة على ابتداع رؤى جمالية مرتبطة بالفلسفة السائدة وكذلك مرتبطة بأحلامنا وآمالنا الوجودية والإنسانية والشعرية.
( ديوان معماري )
وفى ماقشته تحدث الناقد الدكتور شوكت المصري عن العنوان المثير للدهشة وطريقة كتابة العنوان مع التعرض لدلالة كلمة “الإثم” الواردة في اسم الديوان ، التي أعلنت بها أنها لا تريد أن يطلع الآخرون على هذه النصوص، ولكنها كالعادة لعبت على الكثير من التناقضات، وقدمت لنا الديوان في صورة نصوص نمت على العالم الأزرق، حيث أنها تأخذ المتلقي إلى ناحية ثم تعود به إلى الناحية الأخرى .
ويرى شوكت المصري أن الديوان كله مبني معماري هندسي مقصود من الشاعرة سار على خطين متوازيين في الصراع ..الأول: الخارج الافتراضي ، والثاني: هو الداخل الواقعي ، وهى رؤية خاصة بالشاعرة وحدها، مؤكدا أن هناك أربعة نصوص تعد مفتتحا للديوان.. بينما هناك اثنى عشرة نصا تناولت علاقتها بالفضاء الرقمي فتأخذنا فيهم الشاعرة من الفضاء الرقمي إلى داخلها، والأثنى عشر نص الأخرى اهتمت بالذات الداخلية وهنا تعمدت الشاعرة الخروج بنا من داخلها إلى الفضاء الرقمي .
وقال : وفي قصيدة ” شاعرة وحيدة على مائدة الإفطار ” راحت تمطر الجمهور بوصفات من الطبخ شديد الإتقان..! ، وهذا يعتبر قمة الشاعرية والإدهاش، في مجموعة نصوص مليئة بعبارات الفيس البوك تعبر عن أشياء ثقيلة جدا داخل الذات، بينما مشهد فقد الأب تتحدث فيه الشاعرة بامتياز عن عوالم خارجية جدا مبتعدة تمما عن مشاعرها الداخلية..، وعن قصيدة ” إمرأة قوسية ” التي تعتبر قصيدة نثرية شديدة الرهافة.. لا نملك إلا أن نغبط الشاعرة على اخلاصها الشديد إلى فكرة الكتابة لذاتها وتخلصها من سلطويات القصيدة.
( روح القصة )
وأشار الشاعر والناقد نشأت المصري الى نقطة جديدة نصوص الديوان وما لم تنتبه الشاعرة إليها وهي أنها تأخذنا إلى روح القصة ، فالدراما مكتملة تماما حتى في اختيار نهاية موفقة جدا داخل معظم قصائد الديوان، كما أن الشاعرة متفاعلة مع المرحلة الآنية بشكل مدهش دون تجاوز فهى تستخدم مفردات الحياة وتتفاعل معها وتهتم كثيرا بالمكان وهى تجعل المتلقى يعيش من خلال واقعه إلى آفاق خيالية بعيدة جدا، ويمكنني القول أن الشاعرة نجحت في النص الوصفي مع الاحتفاظ بجلالة الشعر ويسر النص النثري مع الاهتمام جماليات النص ، كما أن معظم القصائد كانت تتمتع ببراعة الاستهلال.
وقال الناقد وشاعر الحداثة د. محمد السيد اسماعيل: أتابع تجربة الشاعرة هبة السيد عبد الوهاب التي مرت بمراحل الكتابة المختلفة وأرى أن هذا التطور هو نتاج اجتماع هذه المراحل معا، هذا ما جعل تجربتها تتمتع بكل هذا الثراء..، وأكد بأن هذا الديوان يمكن تصنيفه أنه ديوان ما بعد حداثي، حيث أنه يتعامل مع معطيات العالم الميكانيكية والافتراضية وهى السمة الأهم التي تمتعت يها نصوص الديوان، وأن الإيقاع الموجود داخل الديوان هو إيقاع يعود إلى تماس الشاعرة مع تاريخها في الكتابة الإيقاعية، وهذا ما بشر به الشاعر الكبير أمجد ريان من قبل بما يعرف بالكتابة بعد الحداثية كما أن الحس العامي الوارد في الديوان بعود الى تجربة الشاعرة القديمة في ديوانها الأول في شعر العامية .
( تجربة حياتية )
وأشار الأديب د.صلاح العزب في قراءته للديوان بأن الشاعرة في الإهداء تشير أنها “محض كتابة تحريضية”، وتستهل مؤكدة أن هذه النصوص ليست كتابة وإنما “هى تحليق في البعد الرابع غايتها أن تبث الحياة في بلاد الحزن الطهور” فالديوان يهتم بالتفاعل بين العالمين الداخلى والخارجي .
وقال : من أهم ملامح الديوان استخدام الصفحة الشعرية والسطر الشعري والفراغ الشعري بشكل مختلف حيث تؤثر الاستغراق والاسترسال والحميمية بين الأسطر وهى سمة من سمات كتابة الحداثة مثل الشاعر رفعت سلام ، كما اشار إلى تضفير المصطلحات التقنية بشكل مدهش في القصيدة مع حميمية المشاعر وتدفقها تجاه كل ما حولها ، والديوان قصائده تسير نحو النهايات المفتوحة لكنها لا تعد بأى حل لمشكلات الحياة ، فهى استخدمت تشكيل أقرب في نسقه إلى قطعة الموزايك ، فالديوان ليست نصوصه آثمة.. وإنما يحتاج إلى قراءة سيريالية تناسب نصوصه وطريقة كتابته المدهشة .
وفي قراءة للديوان قال د. بسيم عبد العظيم الشاعر والناقد الأكاديمي ورئيس لجنة العلاقات العربية باتحاد كتاب مصر: أنها تجربة فنية حياتية، مفعمة بالحب، ومطرزة بالجمال، متكئة على تناقضات الحياة وموظفة جماليات هذا التناقض في إبراز معاناة الإنسان المعاصر، كما استلهمت هبة التراث العربي والإسلامي والإنساني فوظفته لخدمة نصوصها الإبداعية النثرية التي نالت استحسان قراء نصوصها من النقاد والمتذوقين، علاوة على أنسنة الأشياء وتوظيف معطيات الحياة الحديثة في نصوصها .
( قضايا المثقف )
وفي دراستها للديوان بعنوان “فضاءات القضايا نصوص آثمة نمت على الحائط الأزرق” أشارت الليبية د. أريج خطاب أنها نصوص مسحت فضاءات القضايا كلها السياسية والاجتماعية والثقافية على المستوى الفردي والمستوى الجماعي ، حيث تبحث الشاعرة عبرها في وسط الناس عامة وخاصة الساسة والمواطنين عن قضايا كثيرة تهم المثقف وتشغل باله وتؤرق مضجعه يحاول الحوار حولها والبحث عن إجابة لها دون جدوى ، ليبقى السؤال حولها قائما دون إجابة يحاور نفسه ويجيب نفسه ، إنها قضايا يمر عليها الزمن وعاشها الناس منذ أمد بعيد وإن أضاف إليها الواقع الآني مزيدا من التعقيد ومزيدا من الألوان والتنوع لتناسب وجوده وتتماشى مع حركة إيقاعه السريع .
وأضافت :هكذا ستبقى هذه الملتبسات تعيش مع الإنسان ويعيش معها الإنسان في حوار مستمر ما بقيت الحياة واستمر زخمها وضجيجها المتقلب والمزعج في الآن وقد توزعت مساحة هذا الديوان على اثنين وعشرين ومائة صفحة في ثمان وعشرين قصيدة حملت هموم الناس وهموم الشاعر المبدع من ناحية ومثلت معاناته ومعاناتهم من ناحية أخرى حتى إن عالم هذه القصائد وعالم الشاعرة يتوحدان معا في حوار قائم ومستمر بين حيه وميته وجامده ومتحركه وإنسه وجنه في حوار موحد همه الإنسان وما يعانيه حيثما كان وحيثما وطئت قدماه بقعة ما على كوكب الأرض .
( دلالة ذات )
وأثار د. سعيد شوقي : تساؤلات حول دلالة (ذات) في نصوص آثمة نمت على الحائط الأزرق.. قائلا: أعتقد أنه.. لم تنافس لفظ ” قيد ” لامرئ القيس قديما.. في الاستعمال المعاصر ..سوي لفظ ” ذات ” ولفظ “قيد” معروفة أمثلته، لكن نذكر منها للتذكر: (قيد الأوابد طبعا لامرئ القيس المشهورة ، التي صارت في الآفاق بعده ) ، و : قيد التنفيذ – قيد الدراسة – قيد الحياة – قيد الإنشاء ..إلخ .
وقال : نجد أمثلة ” ذات ” كثيرة أحصيت في ديوان واحد لهبة عبد الوهاب عنوانه:” نصوص آثمة نمت على الحائط الأزرق ” منها ما يلي : ذات حنين – ذات ليلة – ذات يوم – ذات مناوشة حارة – ذات حزن عميق – ذات كتابة – ذات قلب ذهبي – ذات مساء – ذات صباح أنيق .
وأشارالناقد د.عايدي على جمعة الى ملمح ( البصري) في مجمل شعر الشاعرة ، فهى ترصد مشاهد بصرية من واقعها وتحيله الى شعرية جديدة مثل عدد من شعراء جيلها الذين اهتموا بالصورة البصرية وما تقع عليه أعينهم من جمال .

اترك تعليقك ...
900
900
زر الذهاب إلى الأعلى