900
900
إجعل الذكاء الإصطناعي يعمل من أجلك
مقالات

د. محمد كامل الباز يكتب : الأطباء ( الأقلية المضطهدة)

900
900

مورثات ثابتة كانت فى أذهان الناس منذ القدم، كليات القمة هى الطب والهندسة بالترتيب، يحرص كل أب وأم على إيجاد الحافز لابنه كى يدخل كلية الطب، وتقام الأفراح والليالى الملاح عندما يدخل الكلية ومقدما يطلق الأب على نفسه أبو الدكتور، يتغير سلوك الأسرة كله للولد فقد أصبح طبيب، يشعر بنفسه كأن الدنيا قد حازها، لكن بعد مرور السنين يكتشف الكارثة، يعرف أنه من الفئة المغضوب عليها، يشعر أنه أقلية مضطهدة فى مجتمعه، ماذا نريد من الأطباء، يدخل الطبيب ليتعلم أكثر من خمس سنوات دراسة أكاديمية وعملية، امتحانات، كورسات، محاضرات، حرمان من أشياء كثيرة كى يحقق أمل أهله ومجتمعه ويأخذ على عاتقه هم علاج الناس والدخول فى عجلة المنظومة الصحية، يفاجئ بأنه أصبح موظف عادى، عند عمله فى الحكومة يبتدى توزيعه فى أقصى أماكن الدوله وكأنه سيقف على الثغور، مرتبات لا تكاد ترتقى لمرتبات بعض المؤهلات المتوسطة، تعمد على المراقبه فى العمل وكأنه لص محترف، يتحمل دائما هو وحده مشاكل المنظومة الصحية كأنه هو الوحيد الموجود فيها دون موظفين وتمريض وعمال ومتطلبات مادية وبنية تحتية، أصبح أيضاً مستهدف من الأعلام وكان كل مشاكل البلد سببها الطبيب الذى تأخر يوم عن عمله أو الصيدلى الذى خرج يصلى الظهر وعاد، أصبحت كل البنية الإدارية مكتملة من تأمينات ومعاشات، زراعة ورى، مرور وخدمات، كى يصبح الطبيب فى المستشفيات وحده حالة شاذة لاتعبر عن الهيكل الإدارى فى البلد، الصحة من أهم الهئيات التى من الممكن أن تدّر دخل عال لأى بلد وأيضاً تجذب الكثير من الإستثمارات ولكن ليس النهوض بالمنظومة الصحية يتمثل فى وضع السكين على رقبة الطبيب، بل الأولى هو النظر لمشاكله وتشجيعه على العمل والدراسات، النظر لأوضاع الطبيب المادية، النظر للامكانيات الموضوعه تحت يده، إذا أراد الأعلام معاقبة الطبيب المقصر فأنا اتفق تماما مع عقاب كل مقصر مثل الموظف المقصر فى أداء الخدمات مع المواطنين، رجل الشرطة الذى يتقاعص عن السماع لبلاغ عن وجود بلطجة أو مشكلة فى جهة ما، عن مسئول المرور الذى يقرف الناس ويعقد لهم حياتهم، عن موظف الحى الذى يتغاضى عن السايس والاشغالات المستفزة فى الشوارع…… الخ المنظومة تعامل كلها بطريقة عادلة، لا يكون كبش الفداء هو الطبيب المسكين الذى أُهمل لدرجة أصبح فيها يغادر البلاد، ووفق اخر اخصائية لو استمرت هجرة الأطباء بعد خمس سنوات ستتفاقم المشكلة الصحية فى البلد. لماذا يهاجر الطبيب؟ يهاجر لقلة العائد المادى وإن وافق عليه يتعرض لحملة هجوم من الإعلاميين وحملات تفتيش وعقاب من المسئولين، يهاجر لكثرة الاعتداء عليه فى المستشفيات من أهالى المرضى دون أخذ حقه، يهاجر لأنه وجد تقدير مادى وادبى لمطربى المهرجانات فى حين يقبع هو فى ذيل الركب لدرجة أن أحد هؤلاء المطربين وصف الأطباء بأنهم يحقدوا عليه وعليهم النظر لسيرته الشخصية كى يتعلموا من نجاحه، مطرب ربما لا يمكنه قرءاة إسمه يعطى روشته النجاح لأكثر الفئات اجتهادا وتعبا منذ الصغر، رجل كل ارثه الذى يتركه لأولاده وأحفاده كلمات مبتذله ربما ينساها الواحد مع تغيير الفصول يعطى لمن أفنى عمره لعلاج الناس ومتابعة آلامهم كيفية النجاح، مع كل هذا، تريد الطبيب ألا يهاجر!! كثير من الأطباء يعتبر نفسه فى تلك الظروف مثله مثل الأقليات المضطهدة التى كنا نسمع ونقرأ عنها فى كتاب التاريخ فبعد أن كانوا يلقبوا بملائكة الرحمة أصبحوا الأن سفراء العذاب والمشقة.

اترك تعليقك ...
900
900
زر الذهاب إلى الأعلى