المرأة و المجتمع

مستقبل ثورة المرأة التاريخي داخل فضاءات أم الدنيا

كتبت : إنجي عبد المنعم صبحي

أقيمت ندوة حية داخل مكتبة فضائيات أم الدنيا تحت رعاية الكاتبة ولاء أبو سيتيه لمناقشة كتاب “مستقبل ثورة المرأة وأساسها التاريخي”، حيث طُرحت العديد من الآراء والتوصيات المدعومة بتحليلات فكرية مستنيرة. وقد شارك في الندوة نخبة من الكُتّاب والنقاد وأساتذة التاريخ والإعلاميين، بهدف تسليط الضوء على قضايا المرأة المهمشة نتيجة تداخل وتراكم المؤثرات الثقافية المجتمعية، والسعي لإنقاذها من العنف والقمع الذي عانت منه خلال السنوات الماضية. كما ركزت الندوة على ربط الماضي بالحاضر من أجل بناء كيان للمرأة داخل مجتمع يحترم حقوقها الفكرية والنفسية والاجتماعية.

بدأت الندوة برأي الأستاذة “غادة سمير ” حيث دارت مناقشتها حول ضرورة تحرر المرأة من القيود وإثبات ذاتها من خلال مشاركتها في المجلس ووقوفها إلى جانب الرجل لمساندته. وأكدت أن المرأة، بما تملكه من صبر وقدرة على التحمل، تستطيع أن تتخطى كل الصعاب، مضيفة أن المرأة قادرة على أداء دور الرجل، بينما لا يستطيع الرجل أن يوازن بين مختلف المهام التي تنجزها المرأة في حياتها اليومية، من تربية الأبناء ومتابعة دروسهم، إلى جانب عملها، فضلاً عن وقوفها بجانب زوجها واحترام واجباتها نحوه وتقدير قوامته بوصفها جزءًا مكملًا للمجتمع.

وأشارت كذلك إلى أن الزوجة كانت شريكة زوجها في شؤون الزراعة، وإذا عدنا إلى العصور القديمة لوجدنا أن المرأة نالت مكانة رفيعة؛ ففي عهد الأسرار والملوك كان الرجل إذا توفي وهو يتولى الحكم، تنتقل زوجته إلى العرش من بعده.

رؤية الناقدة “ماجدة طالب ” ترى أن المرأة لم تعد مجرد “تابع” للرجل، بل قامت بأدوار شبيهة بأدواره، وخاصة في ظل تحولات الرأسمالية التي أضعفت مكانة النساء اقتصادياً. كما أشارت إلى أن الاهتمام بـ الفسيفساء الثقافية والتاريخية يكشف أن المرأة كانت شريكة أساسية في الزراعة، وفي الطقوس الاجتماعية مثل حفلات الزفاف، حيث امتلكت تأثيراً عميقاً يشبه الإيقاع الذي يوجه المجتمع.،اضطهاد المرأة الكردية عبر التاريخ ،في زمن داعش تعرضت النساء الكرديات لأبشع أنواع القمع، من القتل والاعتداء إلى الاستعباد الجنسي كما حدث مع الإيزيديات. داعش نشر دعايته السوداء ضد الكرد وضد وحدات حماية المرأة (YPJ)، محاولاً تشويه صورتها. ،في البُعد الاجتماعي والثقافي المرأة الكردية ما زالت محاصرة في بعض البيئات بالعادات العشائرية، وزواج القاصرات، والحرمان من حرية الاختيار في الزواج أو التعليم.، في الجانب السياسي.

الأوضاع المعقدة للأكراد في سوريا والعراق وتركيا وإيران أدت إلى مضاعفة معاناة المرأة؛ حيث تعرّضت ناشطات كرديات للاعتقال والتعذيب بسبب نشاطهن الحقوقي والسياسي والمقاومة والتحرر ؛ رغم هذا القمع برزت صورة المرأة الكردية كأيقونة للمقاومة من خلال مقاتلات وحدات حماية المرأة اللاتي أصبحن رمزاً عالمياً للنضال ضد التطرف ؛ عبر حركات نسوية كردية تعمل على نشر التوعية، محو الأمية، مقاومة الزواج القسري، وتحرير القاصرات.

هكذا تحولت المرأة الكردية من ضحية إلى صاحبة قرار، ومن مقيدة إلى مشاركة فاعلة في صنع القرار والمجتمع ،البعد الرمزي والتاريخي ،يشير المؤلف إلى ما يُعرف بـ “اليوم الأسود”، وهو اليوم الذي فقدت فيه أم كردية ابنها في قصف تركي. لم يكن مجرد حدث عابر، بل صدمة عميقة لنساء روج آفا، وجزء من الذاكرة الجمعية الكردية.

كما أن المرأة في هذه المنطقة تحولت من نصف مغيب في التعليم إلى نصفٍ يقود الثورة والتغيير. رفضت بعضهن الزواج ليتفرغن لمحو الأمية، وظهرت كقوة اقتصادية وسياسية مستقلة وليست مجرد مساعدة.، ان المرأة الكردية عاشت اضطهاداً مزدوجاً اجتماعياً نابعاً من الذكورية والتقاليد الصارمة وايضا اضطهاداً سياسياً متصلاً بالقضية الكردية.، لكنها في المقابل أثبتت قدرتها على التحرر والمقاومة، وأصبحت رمزاً للحرية وصناعة القرار. وكما قالت “ماجدة” المجتمع لا يكتمل إلا بالمرأة، فهي ليست جزءاً فقط بل نسيج قوي قادر على التغيير.

تحليل الناقدة ” منال رضوان” ركزت على نتائج الأبحاث التي ما زالت قيد التلقي أبرزت الفجوة بين عصرين الماضي وما بعد 2012، وضرورة التفكير في آليات جديدة.

شددت على دور المرأة الأيديولوجي وإبراز نبل الفكرة النسوية في مواجهة الأزمات. كما اوضحت دور المرأة في التاريخ مثالا علي الملكة نفرتيتي أول امرأة تتولى الحكم بعد وفاة زوجها (إخناتون). ،حتشبسوت: حكمت منفردة بعد وفاة زوجها، وأثبتت قدرة المرأة على إدارة الدولة بجدارة. الى جانب النماذج التاريخية النسائية توضح أن المرأة ليست “تابعة”، بل قادرة على القيادة حتى في أشد العصور صرامة. ، فنجد أن لفكر الفلسفي والديني ، فلسفة أرسطو رأى أن المرأة أدنى بطبيعتها من الرجل، واعتبرها “رجلًا ناقصًا”، وأن وظيفتها الإنجابية مجرد وعاء يتلقى بذرة الرجل ، مما جعل الرجل رمز العقل والسيطرة، والمرأة رمز العاطفة والانقياد. مما برر الدونية بأنها “قانون طبيعي”، مما أسس لنظرة أبوية استمرت لقرون. ارتكز علي توما الأكويني (القديس توما) استند أيضًا إلى الفلسفة الأرسطية في علم الإنسان السياسي، فوقف عند فكرة دونية المرأة. المحور المعاصر و العدالة وحقوق المرأة اطرح تساؤل”هل تُعد حقوق المرأة حقوق إنسان ؟المرأة إنسان كامل الحقوق، لا باعتبارها تابعة بل كجزء أصيل من المجتمع التجربة التاريخية والحديثة تؤكد أن خبرات النساء، خصوصًا في ظروف الحرب والضغط، تجعل المجتمع مضطرًا للاستماع إليهن والأخذ بآرائهن . إشارة إلى ما ترجم بجامعة القاهرة كوك شو تن نحو العدالة لا تُجزأ، وحقوق المرأة هي جوهر العدالة الاجتماعية.، المرأة ليست كائنًا ناقصًا كما صُورت فلسفيًا، بل عنصر أساسي للتوازن والعدالة في المجتمع.

وتوافقها في الرأي الأستاذة “ذكرى “، وهي من جذور يمنية، لكنها تُبدي احترامًا كبيرًا لمصابرة المرأة الكردية فيما تعرضت له من انتهاكات دفعتها إلى حمل السلاح دفاعًا عن نفسها. فقد عانت كل من المرأة الكردية واليمنية بشكل بالغ تحت هيمنة تنظيم داعش والجماعات المتطرفة المشابهة.

حاولت داعش فرض قيود صارمة على حياتهن اليومية، مثل إجبارهن على ارتداء ملابس معينة ومنعهن من التعليم والعمل. وخلال تلك الفترة تعرضت العديد من النساء الكرديات، خصوصًا الإيزيديات، إلى العنف الجنسي والاستعباد بعد اختطافهن وبيعهن كسبيّات. ومع ذلك، برزت المرأة الكردية كرمز للمقاومة، إذ حملت السلاح في صفوف وحدات حماية المرأة (YPJ) وأصبحت أيقونة عالمية للشجاعة في مواجهة الإرهاب.

وفي المناطق التي سيطر عليها داعش أو جماعات متطرفة مشابهة، فُرضت على النساء قيود شديدة مثل منع التنقل دون “محرم” وإجبارهن على الزواج القسري. وعلى نحو متشابه، واجهت المرأة اليمنية أشكالًا من الاستغلال والعنف، سواء عبر التجنيد القسري أو عبر محاكم “شرعية” متشددة سلبتها أبسط حقوقها.

مداخلة الدكتورة “نوجين عمرو ” سورية
أركز على الربط بين العصور الماضية والحاضر بهدف صياغة عمل تاريخي للمرأة يضم أفكارًا حديثة تعكس التحديات المستمرة. والمرأة تضررت بشكل مضاعف من الحرب والفقر؛ إذ حُرمت من التعليم و الرعاية الصحية، وارتفعت معدلات زواج القاصرات فالمرأة الكردية خاصةً عانت ظلمًا مضاعفًا وسعيًا طويلًا وراء الحقوق ، نجد ان أشكال العنف ضد المرأة منها الجسدي الضرب والإيذاء البدني و العنف النفسي التحقير، الإهانة، السيطرة العاطفية ؛ العنف الاقتصادي حرمانها من العمل أو التحكم في دخلها، العنف المجتمعي هناك أعراف تقيد حريتها أو تقلل من قيمتها. العنف السياسي والقانوني حرمانها من المشاركة أو المساواة في الحقوق ، حينما نسأل انفسنا متى تشعر المرأة أنها مكتسبة لحقوقها؟ حين يُحترم جسدها وكرامتها ولا تتعرض لأي شكل من العنف أو التمييز. ،ايضا عندما تُعامل كمواطنة كاملة لها نفس الحقوق والواجبات مثل الرجل في التعليم و العمل، المشاركة السياسية حين يقف القانون في صفها ويحميها بصرامة من أي اعتداء جسدي أو معنوي، ويطبق العقوبات دون استثناء.، حين يتغير وعي المجتمع بحيث تصبح كرامة المرأة جزءًا من كرامة المجتمع كله.

حين تتحرر من الخوف لتتكلم، تختار، وتعيش دون تهديد ، الطريقة لاكتساب الحقوق والقوانين وحدها لا تكفي؛ يجب أن يتغير وعي وثقافة المجتمع تمكين المرأة اقتصاديًا وتعليميًا هو الأساس لحمايتها من التبعية، تضامن الرجال والنساء معًا في مواجهة العنف والتمييز يسرّع التغيير.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى