نميرة نجم تدعو إلى نهجٍ إنساني للهجرة قائم على حقوق الإنسان وحماية ضحايا الإتجار بالبشر

كتب : أحمد عبد الحليم
انطلقت فعالية مشتركة في الرباط بالتعاون مع جهة دولية متخصصة، بهدف تسليط الضوء على الدور المحوري للبيانات والمعرفة في جهود مكافحة ومنع الاتجار بالبشر وتعزيز الهجرة الآمنة في القارة الإفريقية.
وخلال هذه الفاعلية تم التشديد على ضرورة توفير مسارات هجرة آمنة لحماية الشباب، و تبني منهج قائم على حقوق الإنسان يركز على الوقاية و حماية الضحايا، كما تم الإشارة إلى أن البيانات و التحليل أساسيان لفهم أنماط الهجرة وتدفقاتها وأدوار الجريمة المنظمة.
وتم مناقشة نتائج التقرير العالمي لعام 2024 بشأن الإتجار بالأشخاص، و أبرزت أنماطاً رئيسية للاتجار في إفريقيا، أهمها الإتجار بالأطفال لأغراض السخرة و البالغين على طول طرق الهجرة الرئيسية، مع تحديد الأسباب الجذرية للظاهرة كعدم المساواة و الفقر و النزاعات. وأكدت جهة شريكة على أهمية تعزيز الوعي وتفكيك الشبكات الإجرامية وتكييف السياسات لمواجهة الطبيعة المتطورة لجرائم الاتجار.
أكدت السفيرة الدكتورة نميرة نجم، مديرة المرصد الإفريقي للهجرة وخبيرة القانون الدولي والهجرة، على ضرورة توفير مسارات هجرة آمنة لحماية شباب إفريقيا، موضحة أن البيانات والتحليل عنصران أساسيان لفهم الأنماط والتدفقات وأدوار الجريمة المنظمة.
و دعت إلى تبنّي منهج و مقاربة قائمة على حقوق الإنسان تركز على الوقاية وحماية الضحايا، مشددة على الحاجة الملحّة إلى البيانات والمعرفة في جهود مكافحة ومنع الاتجار بالبشر في القارة.
جاء ذلك في الفعالية التي نظمها المرصد الإفريقي للهجرة بمقره بالرباط، بالتعاون مع مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة في فيينا (UNODC)، بهدف تعزيز دور البيانات في مكافحة الإتجار بالأشخاص، مع عرض نتائج التقرير العالمي لعام 2024 بشأن الإتجار بالأشخاص.
و قد شددت السفيرة في كلمتها في الفاعلية على أهمية التعاون القائم بين المرصد والمكتب من أجل توسيع الأنشطة والمبادرات التدريبية المشتركة لتعزيز بيانات الهجرة الإفريقية المتعلقة بالاتجار بالأشخاص، مشيرة إلى مشاركة المرصد في جلسات مشتركة حول بيانات الاتجار بالأشخاص، ومشاركة المكتب عن بُعد في ورشة عمل مجموعة شرق إفريقيا التي عُقدت في تنزانيا.
كما أبرزت نجم أهمية تعاون المرصد مع الدول الأعضاء والمجموعات الاقتصادية الإقليمية في تحسين بيانات الهجرة، مشيرة إلى أهمية البيانات كما وردت في الهدف الأول من الاتفاق العالمي من أجل الهجرة الآمنة والمنظمة والنظامية (GCM).
و شددت على أن مكافحة الاتجار بالأشخاص مسؤولية عالمية كما أوضح تقرير عام 2024 (GLOTIP) الصادر عن مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة.
و أوضحت السفيرة أن المغرب يضطلع بدور رائد في مكافحة الاتجار بالبشر في إفريقيا، مثمّنة الجهود الكبيرة التي يبذلها والدعم الذي يقدمه للدول الإفريقية في هذا المجال.
و أشارت، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، إلى أن المغرب اعتمد استراتيجية وطنية للهجرة واللجوء، شملت تسوية أوضاع آلاف المهاجرين من إفريقيا جنوب الصحراء المقيمين على أراضيه، وهي مبادرة “تسهم بلا شك في الحد من ظاهرة الاتجار بالبشر”. وأضافت أن 80٪ من الأفارقة يتنقلون داخل القارة نفسها، مما يجعلهم، في ظل هشاشتهم، عرضةً للاستغلال والاتجار.
و قد عرض أثناء الفعالية الإيطالي فابريتسيو ساريكا، منسق البحوث في مكتب الأمم المتحدة في فيينا المعني بالمخدرات والجريمة بشأن الاتجار بالأشخاص وتهريب المهاجرين، الفصل الخاص بإفريقيا في التقرير العالمي لعام 2024 بشأن الاتجار بالأشخاص ، و المستند إلى بيانات من 40 دولة إفريقية.
وأشار إلى أن التقرير حدد نمطين رئيسيين للاتجار: الأول، الاتجار بالأطفال لأغراض السخرة؛ والثاني، الاتجار بالبالغين على طول طرق الهجرة الرئيسية. وأظهر أن غالبية الضحايا هم من الأطفال الذين يُتاجر بهم داخل حدود بلدانهم أو عبر البلدان المجاورة، وأن هؤلاء الضحايا يُستغلّون بشكل أساسي في أعمال السخرة، بالإضافة إلى أشكال أخرى من الاستغلال.
وأوضح ساريكا أن الأسباب الجذرية للظاهرة تشمل عدم المساواة الاجتماعية، والفقر، والنزاعات المطوّلة، والنزوح، وتغير المناخ، واستغلال الموارد الطبيعية الغنية في إفريقيا. كما أبرز الروابط بين الاتجار بالأشخاص وتهريب المهاجرين واستغلال الأمل، مشيراً إلى الاتجاهات الناشئة والدور المتزايد للفضاء الإلكتروني.
وبيّن أن الأطفال الذكور والإناث هم في الغالب ضحايا للعمل القسري، ثم التسول، والزواج القسري، والاستغلال الجنسي، موضحاً أن النزاعات المستمرة، وتغير المناخ، وضعف الحوكمة، إلى جانب التعدين الحرفي والصغير النطاق، تُعد من أبرز العوامل التي تغذي الاتجار بالبشر في القارة.
من جانبها، أشارت سهام الفقيكي، رئيسة مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة في الرباط، إلى الرؤية الاستراتيجية للمكتب بشأن إفريقيا وإلى شراكته مع المرصد الإفريقي للهجرة.
وأكدت على ضرورة تعزيز الوعي والوقاية وتفكيك الشبكات الإجرامية، وعلى أهمية تكييف السياسات مع الطبيعة المتطورة لجرائم الاتجار بالأشخاص، بما في ذلك الجرائم الإلكترونية، مشددة على الدور المحوري للبيانات في ضمان استجابة فعّالة وتعزيز التعاون الدولي.
وقد جاءت الفعالية في إطار التعاون المستمر بين المرصد والمكتب، و قامت الفاعلية بعرض التقرير العالمي لعام 2024 بشأن الاتجار بالأشخاص وخرائط لتدفقات وأنماط الإتجار داخل القارة، مما يجعل إفريقيا المنطقة التي تنطلق منها النسبة الأكبر من تدفقات الاتجار بالبشر، وركّزت الفعالية على دور البيانات في تعزيز مكافحة الاتجار بالأشخاص.
كما سلطت الفعالية الضوء على تطور أنماط الاتجار بالبشر عبر القارة، و الثغرات في التشريعات الوطنية، والحاجة إلى تنسيق الجهود الإقليمية والدولية.
و قد شارك في اللقاء ممثلون عن الدول الإفريقية، والإتحاد الإفريقي، ومكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، إلى جانب منظمات دولية وشركاء دوليين ومنظمات غير حكومية وسفارات الدول الأوروبية في المغرب.