900
900
مقالات

دور ثقافة المجتمع والعمل في التنمية الإقتصادية

900
900

بقلم / منجى على بدر
الوزير المفوض والمفكر الاقتصادى

إعتقد الكثير من الناس أن التنمية الاقتصادية تعتمد على الاقتصاد الخدمى والسلعى والعلم والتكنولوجيا.. لكن في الوقت الحاضر يجب اضافة عامل هام وهو الثقافة لتحقيق التنمية المستدامة .
والثقافة هي مجموع المعتقدات والقيم والعادات والتقاليد والقواعد التي يقبلها ويمتثل لها أفراد المجتمع وهي هوية المجتمع ، وهي من الركائز الأساسية في بناء الدول ونهضتها، فلكل دولة ثقافةٌ تستمد منها عناصرها ومقوماتها وخصائصها. وكل مجتمع له ثقافته التي يتسم بها ولكل ثقافة مميزاتها وخصائصها. كما أن التنمية الاقتصادية في أي بلد لا يمكن أن تنفصل عن البيئة الاجتماعية الايجابية .
ويختلف دور الثقافة في المجتمع من دولة لأخري لأسباب متعددة حيث تجد الطاعة والاتقان للعمل في دول جنوب شرق آسيا والطاعة والاتقان المحدودين للعمل في الدول العربية والافريقية وانتشار ثقافة تفضيل العمل الحكومي علي القطاع الخاص ، وأما في الدول الغربية تنتشر ثقافة احترام العمل والاتقان وكذا المحافظة علي حقوق العمال وأصحاب رأس المال.
وعليه ، فهل تحتاج مصر الي تعديل هويتها الثقافية لتناسب تطلعاتها التنموية.. وهل تأثرت ثقافة مصر سلبا أم ايجابا من ثقافات الدول المجاورة لها ومدي تأثير الثقافة المصرية في اتقان العمل واحترام قواعد العمل ، وهل زادت قيم احترام العمل أم انخفضت ؟ وهل تحتاج مصر تطوير أو تعديل ثقافتها لتناسب العصر الراهن.. أو يمكن الاستعانة بخبرات من تجارب دول مشابهة لظروفنا مع دراسة مدي قبول أو رفض المجتمع لذلك .
إن الاقتصاد الذي يحتوي على المزيد من الثقافة الايجابية فإن التنمية الاقتصادية يمكنها أن ترتقي إلى أعلى المستويات ويمكنها تحقيق التنمية المستدامة.
ولقياس مدى أهمية دور الثقافة فى الاقتصاد ، فان صناعة الثقافة في الولايات المتحدة الأمريكية تساهم بأكثر من 25% من الناتج المحلي الإجمالي، وهي ثاني أكبر صناعة بعد صناعة الأسلحة مساهمة فى توليد الناتج المحلى الاجمالى للولايات المتحدة وفي البلدان المتقدمة فإن مساهمة صناعة الثقافة تمثل 10% أو أكثر فى الناتج المحلي الإجمالي، وأصبحت الثقافة الايجابية أحد أهم القطاعات فى التنمية الاقتصادية للدول المتقدمة .
وحاليا، اتجهت الثقافة الاقتصادية اتجاها جديدا وخاصة حالة الاقتصاد القائم على المعرفة والإبداع، فقد ازدادت العوامل الثقافية في الاقتصاد ، ولتفاعل الثقافة والاقتصاد أثر كبير على التنمية المتكاملة للعلوم والتكنولوجيا ، كما أن ثقافة القوة الناعمة هامة لتعزيز التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وهي مقياس ومؤشر هام لدرجة الثقافة الاجتماعية وقوتها.
ولن يتقدم الاقتصاد خطوات كبيرة الا إذا تطورت الثقافة بخطوات تسبق التطور الاقتصادى أو تكون متوازية معه على الاقل .
وتقوم الثقافة بكل فروعها سواء عادات وتقاليد أو الدين على تعزيز قيم الإخلاص والاتقان في العمل، فإتقان العمل يعني منافسة الانتاج لمثيله المستورد من الخارج والقدرة على التصدير والاتقان أهم عامل من عوامل النمو الاقتصادي , وكذا يخفض اتقان العمل تكاليف الإنتاج ويزيد التنافسية فى الداخل والخارج .
إنّ ابتعاد أبناء المجتمع المصرى عن الثقافة الإيجابية الأصلية يؤدي إلى التقليل من أثرها فيهم، فكيف سيكون لهذه الثقافة تأثير عليهم وهم يتخلّون عن قيم الوفاء والصدق والتسامح والتعاون والإيثار والتضحية، كلّ ذلك قد يؤدى لانتشار الثقافة السلبية والعشوائية ويؤدي إلى إفساد المجتمعات والتنمية وتعطيل الطاقات الابداعية وإعاقة فرص التقدم والتطوّر والنمو .
وإذا ما رغبنا في التقدم والنجاح ، علينا احترام تراثنا الأصيل النقى وقيم العمل الايجابية ، دون غلق الأبواب في وجه الثقافات الإنسانية الجديدة، على أن نكتسب من تلك الثقافات ما يعزز قيمنا ويخدم تطلعاتنا نحو التقدّم والتطور ، وأن يكون لمصر دور فى الثورة الصناعية الرابعة والخامسة وأيضا فى وضع ركائز النظام العالمى الجديد وبما يخدم المصالح المصرية .

اترك تعليقك ...
900
900
زر الذهاب إلى الأعلى