مقالات

بسمة ثروت تكتب : هذا هو الأفضل.. لفضل!


“عودة فضل شاكر للساحة الفنية”

فوجئنا بهذا العنوان الذي تصدَّر الصحف الإلكترونية عام 2018، بعد اختفاء فضل عن الساحة الفنية لمدة سبع سنوات، كان أعلن خلالها توبته عن الغناء قائلاً بالنص إنه “تاب لوجه الله”، وندم على مشواره الفني، وذلك بعدما انقاد للشيخ أحمد الأسير في صيدا بلبنان، وأطلق لحيته. وخلال تلك السنوات لاحقت فضل القضايا القانونية، والأحكام الغيابية بتهمة الانتماء لمجموعات مسلحة، إلا أنه عاد بعدها ليتراجع عن موقفه، وليطوِ صفحة الماضي، وليبتعد عن الأزمات، مبرراً عودته للغناء بأنه فنه، وحياته، وأن أغنياته الرومانسية نوع من الغزل الراقي، وليست ضد الدين.

وهكذا عاد للغناء مرة أخرى، متخذًا من مخيم “عين الحلوة” بجنوب لبنان مقرًّا له، هروبًا من التهديدات بحياته، والأحكام الغيابية بحقه، فالمخيم خاص باللاجئين الفلسطينيين، ويُعرف بأن السلطات اللبنانية لا تمارس كل صلاحياتها به بنفس القوة كما بقية المناطق.

كانت من المفترض أن تكون عودة فضل رصينة، هادئة، قائمة على نسيان الماضي، والتعصب، وأن يركّز كل جهده على استعادة مكانته في الساحة الغنائية من جديد، من خلال الاهتمام باختيار الأغنيات، والكلمات، والألحان ليعود إلى محبّي صوته الرومانسي الحالم بصورة أقوى… إلا أننا فوجئنا أنه بدلًا من التركيز على المجهود الفني، تم التركيز على المنافسة، وإشعال خلاف قديم فيما بينه وبين النجم اللبناني راغب علامة!!

كان هذا الخلاف القديم قد نشب قبل أشهر من إعلان فضل اعتزاله، فحينها كانت هناك تصريحات حادّة منه ضد الفنان راغب علامة تصل إلى الكلام الجارح، وتعجب راغب آنذاك من ذلك الهجوم لأنه لم يفعل أي شيء مسيء تجاه فضل، ثم ازداد الخلاف اتساعًا، وقيل وقتها إن أسبابه لها علاقة بالغيرة الفنية، والمنافسة، خاصة أن الاثنان يغنيان بالطابع الرومانسي، وبسبب شعور فضل بأن راغب تتسلط عليه الأضواء بشكل أكبر، بينما كانت وسائل الإعلام حينها تقوم بالتصعيد فيما بينهما… وانتهت المشاكل باعتزال فضل، إلا أنها عادت للساحة بمجرد عودته للفن.

فبمجرد ظهور فضل شاكر مجددًا، بدأت حملات إلكترونية موجهة على السوشيال ميديا تعقد مقارنات فيما بين ما يقدمه فضل شاكر من أغنيات جديدة، وما بين أغنيات راغب علامة، لتصب في صالح فضل شاكر بشكل بعيد كل البعد عن المنطقية والموضوعية!! وتكيل السباب غير المبرّر ضد راغب علامة دون أن يقترف شيئًا ما. وربما كانت تلك هي الطريقة المثلى للعودة بقوة، ألا وهي: (تأجج منافسة قديمة كانت قد انتهت لاستعادة أمجاد قد طوت منذ سبع سنوات).

أيضًا ظهر محمد نجل فضل شاكر على الساحة مع والده ليطل في صورة الطرف الأكثر شراسة، فلقد تردد أن راغب علامة المعروف بعائلته المهذبة، وأخلاقه الراقية، حاول التواصل مع فضل شاكر لمحاولة الصلح بدافع الأخوة، إلا أن محمد نجل فضل رفض يده الممدودة بالسلام، مشددًا على أن راغب هو الذي يجب أن يتصالح مع نفسه أولًا!!

فلماذا هذا الإصرار على رفض الصلح على الرغم من نية الخير لدى راغب، الذي تحمّل الكثير، وعلى الرغم من ذلك بدأ بالسلام؟ فكان خيرهما؟

فلقد عانى راغب من سيل من الإساءات التي لا يُحتمل، حيث أعلن عام 2016 خلال إحدى البرامج أن فضل قد هدد شقيقه خضر بالقتل، لأسباب طائفية، وتكفيرية، حيث من المعروف أن راغب علامة مسلم شيعي بينما فضل مسلم سني.

أيضًا عانى من التصيّد، فأي تصريح بسيط يخرج من فم راغب يُفهم في التو على أنه تصريح ضد فضل! فحدث في الآونة الأخيرة أن صرح لإحدى البرامج بأنه لا يحمل السلاح، ولا يقتل أحدًا، وبأنه يؤمن بالقانون والقضاء.

فما كان من محمد نجل فضل إلا أن ظهر بانفعاله المعتاد ليستنكر ما قاله راغب خلال فيديو، معتقدًا أنه يقصد والده، ليدافع عنه، وليهاجم راغب علامة.

في ظل السبع سنوات التي كان فضل خلالها منغمسًا في التشدد، وتحريم الفن، كان راغب منطلقًا في عالم الفن، يخطو بكل ثقة، إيمانًا منه بفنه، حريصًا على منح جمهوره أفضل ما لديه. قدم خلال تلك السنوات أغنيات كثيرة يستكمل بها مشواره الفني الذي يفتخر به، مستغلًا كل يوم، ولحظة، ليعيش حياته كمطرب محبوب يزداد محبّوه يومًا بعد يوم، متصالحًا مع نفسه، ومع الآخرين، يحبه الجميع، ليجد نفسه فجأة محطّ انتقادات، وكلام جارح لتشويه سيرته الفنية بمجرد ظهور فضل شاكر مجددًا.

فلماذا لا يتخذ فضل ونجله من راغب علامة أسوة حسنة، ويهتديان على دربه، وخطاه، في تركيزه على مشواره الفني، وحرصه على جمهوره، وابتعاده عن الكلام الجارح، ويده المتسامحة الممدودة للجميع؟

ألم يكن من الأفضل لفضل ألا يستعدي جمهور راغب الواسع العريض الذي كان من الممكن أن يفتح ذراعاه لاستقباله، ولاستيعابه مجددًا بعد غياب؟ وأن يكسبهم بدلًا من أن يستعديهم بسبب حالة العداء الدائم ما بينه وبين نجمهم المحبوب؟

ألم يكن من الأفضل له أن يظهر في ثوب جديد، وبداية جديدة، بعيدة كل البعد عن ماضيه خلال فترة اعتزاله؟ وأن يبتعد عن أي ثمة مشكلة ليستعيد محبيه؟

ألم يكن من الأفضل لنجله محمد أن يستقبل يد الفنان راغب علامة الممدودة بالصلح، ويربت، ويتكئ عليها لتعينه، كشاب يافع في بدايته الفنية يحتاج إلى دعم نجم محبوب مثل راغب علامة، الذي لم يكن ليتأخر عن مساعدته ودعمه على الساحة الفنية بأخلاقه الراقية المعهودة؟

ذلك بدلًا من كل تلك المهاترات على مواقع التواصل الاجتماعي، التي لا تنقص من راغب علامة شيئًا، وإنما تزيد في عدد من يبحثون في صفحات الماضي الخاصة بفضل شاكر، ليستعيدوا ذكريات اعتزاله (الذي اعتقد أنه لا يحبذ فكرة استعادتها، ويسعى جاهدًا لطيها، والبدء من جديد).

تلك المقارنات التي لا تصب في النهاية إلا لصالح النجم الذي حرص على استغلال جميع سنوات حياته من أجل إسعاد جمهوره، ولم يفكر يومًا في التخلي عنهم وعن اعتناق مذهب الغناء من أجلهم.

تم نسخ الرابط بنجاح!
اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى