غرينبيس: دعوة عاجلة لـ “التمويل الإسلامي” لسحب الإستثمارات من الفحم بسبب تسببه بملايين الوفيات سنويًا

كتب : أحمد عبد الحليم
أصدرت منظّمة غرينبيس الشرق الأوسط وشمال أفريقيا اليوم، كجزء من تحالف أمّة لأجل الأرض و بالشراكة مع مبادرة التّمويل الأخلاقي العالميّة، الملخّص التّنفيذي لورقة بحثية جديدة وهي “إعادة تقييم مسألة الفحم في قطاع التّمويل الإسلاميّ: موجباتٌ أخلاقيّة لِسحب الاستثمارات ودعم الاستدامة”. وتمّ إطلاق هذا الملّخص خلال قمّة التمويل الأخلاقي لمجلس التعاون الخليجي التّي نظمّتها مبادرة التّمويل الأخلاقي العالميّة بالتّعاون مع مركز دبيّ المالي العالمي (DIFC). وسُلّط الضوء عليه ضمن جلسة حوارية تحت عنوان “إطلاق قدرات التّمويل الإسلامي المستدام” التي تناولت موضوع إعادة تقييم منهجيات الفحص للأسهم الاسلامية.
ويهدف الملّخص التّنفيذي إلى تحديد العوامل التي يجب على العلماء والمنظّمين والممارسين أخذها في الاعتبار عند إعادة تقييم مسألة الاستثمار في الفحم في قطاع التّمويل الإسلاميّ. أمّا الورقة البحثية المفصّلة، فستصدر مع الأدّلة والمنهجيّة المُرفقة بها خلال قمّة المناخ COP30.
وأشار فريق عمل مبادرة التّمويل الأخلاقي العالميّة إلى أنّ: “إصدار هذا الملخّص التنفيذي يبرز أهميّة توافُق قطاع التّمويل الإسلامي مع أحدث الأدّلة العلمية والمعايير العالميّة للاستدامة. أصبحت الحاجة إلى التّعاون بين العلماء والمنظّمين والمستثمرين غايةً في الإلحاح اليوم، إذ يجب أن تتطوّر منهجيات الفحص في ضوء البيانات النّاشئة حول الضرر وآثار تغيّر المناخ. إنّ تلوّث الهواء، النّاتج بشكل كبير عن احتراق الوقود الأحفوري، يتسبّب في حوالي 6.7 مليون وفاة مُبكرة كل عام، مبرهنًا بذلك ضرورة وإلحاح الانتقال والتحوّل الطاقوي. يدعو عملنا هذا، بالإستناد إلى مبادئ مقاصد الشّريعة، إلى قيادة تعاونية جماعية تضمن تدفّق رأس المال بشكل يحافظ على الحياة والثروة والبيئة لأجل مستقبل عادل ومستدام”.
تدرس هذه الورقة وملخّصها التّنفيذي مسألة الفحم في التّمويل الإسلامي بالمقارنة مع سابقة التّبغ. حُظرت استثمارات التّبغ ماضيًا بسبب تأثيرها على صحّة الإنسان. لذلك تطرح هذه الورقة سؤالًا جوهريًا: يُظهر حظر وتحريم التّبغ أنّ الأحكام الإسلاميّة تتطوّر مع وجود أدّلة على الضّرر. وبالتّالي، هل يمكن للتمويل الإسلامي أن يستمّر في إباحة الإستثمار في الفحم، رغم وجود أدّلة هامّة تشير إلى أضراره الصحيّة وغيرها ومع توفّر البدائل بشكل مُتزايد؟
من جانبها قالت المديرة التّنفيذيّة لمنظّمة غرينبيس الشرق الأوسط وشمال أفريقيا غوى النكت: “التّمويل الإسلامي بحاجة إلى تحوّل جذري في مقاربته، فالأذى الذّي تتعرّض له البيئة ليس مسألةً علميةً حصرًا بل أيضًا قضيةً شرعيةً جوهريةً. إنّ الاستثمارات في الفحم تُزعزع استقرار الاقتصادات وتهدّد الأجيال القادمة بالإضافة إلى أنهّا تخلق مخاطر اجتماعية واقتصادية ومخاطر مرتبطة بالحوكمة. هذه الاستثمارات تتعارض مع مقاصد الشريعة، ولا يمكن اعتبارها استثمارات مشروعة. يجب استبعاد الفحم وتوجيه رؤوس الأموال نحو حلول طيبّة ومستدامة تعزّز مقاصد الشريعة.
ويتطّلب ذلك إجراءات عملية تشمل تحريم الفحم، وتحديث معايير الفحص الشرعي لتعكس مبادئ الطيّب، وإصدار صكوك انتقالية لدعم القطاعات عالية الانبعاثات في مسار التخلّص من الكربون مع ضمان إعادة تأهيل العاملين، ودعم المجتمعات المحليّة، وتأمين الوصول إلى الطاقة النظيفة”.
الإعلان عن مشروع زمالة الطيّب
على صعيد آخر، تمّ الإعلان عن إطلاق مشروع زمالة الطيّب خلال قمّة التمويل الأخلاقي لمجلس التعاون الخليجي، وهي مبادرة تعاونية بين منظمّة غرينبيس الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من تحالف أمّة لأجل الأرض ومبادرة التمويل الأخلاقي العالمية من خلال مبادرة التمويل الإسلامي المستدام (ISFI).
وقال مستشار حملة “التمويل الإسلامي لأجل الأرض” التابعة لمشروع أمّة لأجل الأرض في غرينبيس الشرق الأوسط وشمال أفريقيا طارق العليمي: “يمثّل مشروع زمالة الطّيّب تحوّلًا جذريًا في طريقة تطويع التّمويل الإسلامي في خدمة الخلافة البيئية. فمن خلال دعم قدرات القادة الذين يتبنّون نهج الطيّب ويتجاوزون مجرّد الامتثال بالحلال للسعي بنشاط نحو ما يجلب فائدة عميقة للمجتمع والبيئة، نحن نبني حركة تُظهر أنّ المبادئ الإسلامية والعمل المناخي والطبيعي ليسا متوافقين فحسب، بل لا يمكن فصلهما”.
سيكتسب المشاركون من التنفيذيين في المناصب العليا والعلماء البارزين في الشريعة وروّاد تمويل المناخ المعرفة المتخصّصة وستمنح الزّمالة فرصة فريدة للتواصل بين أكثر من 30 قائدًا ناشئًا عبر منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وجنوب شرق آسيا، وأفريقيا، وأوروبا، وأميركا الشمالية مشكّلةً بذلك شبكة عالميّة. بالإضافة إلى ذلك، سيطوّر المشاركون أيضًا حلول عملية وعالمية في التمويل الإسلامي المستدام تخضع لإمكانيات تنفيذ فعليّة، وسيحصلون على شهادة زمالة مبادرة التمويل الإسلامي المستدام المعترف بها من قبل المؤسّسات الشريكة فور الانتهاء من البرنامج.
ويهدف مشروع الزّمالة الذّي سيستمّر على مدى 9 أشهر إلى إنشاء شبكة عالمية من المحترفين الماليين والعلماء وصانعي السياسات والمبتكرين الذين لديهم القدرة على الدفع نحو الجيل القادم من التمويل الإسلامي المستدام. هذه الزمالة تتعلّق ببناء القدرات، ولكن الأهمّ من ذلك، بناء حركة تعمل نحو فرصة تمويل مناخي بقيمة 400 مليار دولار، يتّم إطلاقها من خلال إعادة توجيه 5% فقط من أصول التّمويل الإسلامي نحو الطاقة المتجدّدة وحلول المناخ.












