إيمان محمود تكتب: التصدع بين جدران الزمان

في زوايا الزمن المتشققة، يقف إنسانٌ يحاربُ يأسَه بكل ما تبقّى له من نبضٍ وأمل. يسيرُ في طريقٍ طويلٍ، يعرف أنه لن يكون مفروشًا بالورود، لكنه يُصرّ أن يمشي فيه، ولو كانت الأرضُ تحته تتصدّع، والسماءُ فوقه تُثقلها الغيوم.
هو ذاك الإنسان الذي لا يُرى في نشرات الأخبار ولا تُكتب عنه القصائد، لكنه بطلٌ في معركته الصامتة مع الحياة. يسقط مرة، فيقوم. ينكسر قلبه، فيلملم شتاته. يخبو نوره، فيُشعل شمعةً من قلب العتمة. لا أحد يسمع صوت اصطدامه بالأرض، ولا أحد يرى الدموع التي يخفيها خلف ابتسامةٍ متعبة.
ومع ذلك، يُكمل الطريق.
كل خطوةٍ في طريقه تحملُ وجعًا، وكل صخرةٍ تُقابله تُذكّره بأنه لا يزال حيًا، لا يزال يحاول. لا يريد أن ينتصر على العالم، بل فقط على ضعفه. يريد أن يثبت لنفسه أنه يستحق يومًا آخر، ومحاولة أخرى، وأن الأمل ليس كلمة تُقال، بل سلاحٌ يُرفع في وجه الانكسار.
هو يعلم أن التصدّع ليس نهاية الجدار، بل بداية النور الذي يتسلّل من بين الشقوق. فحين تتكسر الجدران، يُطلّ الضوء. وحين يشتدّ الليل، يقترب الفجر.
يحاربُ يأسه كل يوم، ليس لأنه لا يخاف، بل لأنه اختار أن يواجه. يخبط في طريقه، يقع، ينزف، لكنه لا يستسلم. كل سقوطٍ يعلّمه معنى النهوض، وكل فشلٍ يمنحه درسًا جديدًا في الصبر والإيمان.
يتعلم أن الحياة لا تعطي من يقف ينتظر، بل من يمضي رغم الخذلان، من يزرع رغم العواصف، من يحلم رغم الخراب.
وفي نهاية اليوم، يجلس أمام نفسه في صمتٍ عميق، ينظر إلى التصدعات التي خلّفها الزمان على روحه، فيبتسم. لم ينتصر بعد، لكنه لم يُهزم أيضًا.
وما دام القلب ما زال ينبض — ولو بين جدرانٍ متشققة — فهناك دائمًا فرصةٌ للضوء أن يعبر، وللأمل أن يولد من جديد.












