مقالات

د. نرمين توكل تكتب : إبن خلدون مؤسس علم الإجتماع لايزال خالدا فى ذكراه

العالم ابن خلدون هو المؤرخ السياسي والاجتماعي الكبير عبد الرحمن بن محمد بن محمد بن الحسن بن جابر بن محمد بن ابراهيم بن عبد الرحمن بن ابن خلدون. كان مؤرخًا وعالمًا تاريخيًا، وهو رائدٌ في التخصصات الحديثة لعلم الاجتماع والديموغرافيا ، وأظهر فكرة أن المجتمع يصبح حضارة عظيمة ثم يتبعها فترة من التحلل. ، يصف ذلك بأن المجموعات المتحاربة ستستولي على مجتمعات ثقافية مُستقِرَّة، لكن بمجرد نشوء سُلطات جديدة يطغى جانب التقدُّم .

وُلد العالم ابن خلدون في تونس في 27 مايو عام 1332، وتوفي في مصر ، وامتازت الفترة التي نشأ فيها بانتشار العلم، ووفرة الأدب، وتلقى فن الأدب عن والده، كمّا أنّه التحق بمجالس العلم التي كانت تضُم عدّة علماء كبار كان منهم قاضي القضاة محمد بن عبدالسلام، والرئيس أبي محمد الحضرمي .
عُرِف نظام اقتصاد ابن خلدون لأول مرة في العالم الغربي في عام 1697م، واستمر تأثيره حتى اليوم. يُشار إلى ابن خلدون أيضًا بأنه دعا إلى إنشاء علم لفهم المجتمع .

شغل ابن خلدون عدّة مناصب ومهمّات في المغرب وأيضا في مصر، ومن أهم المناصب التي شغلها في مصر هي :
القضاء الخاص بالمالكيّة: شغل ابن خلدون منصب قضاء المالكيّة، حيث كان أولها عام 786هـ بأمر من الملك الظاهر برقوق، إذ خوّله لذلك ما كان يملكه من معارف وخبرات، ثمّ أُعيد تعينه بذات المنصب عام 801هـ، أمّا المرة الثالثة فكانت بأمر من الملك السلطان فرج عام 803هـ، فيما كانت الرابعة سنة 804هـ، أمّا المرة الخامسة فكانت عام 807هـ، والتي لم تدم لأكثر من أربعة أشهر بسبب وفاته.

وظيفة التدريس: عمل ابن خلدون في وظيفة التدريس في مصر في أماكن عدّة، حيث كانت بدايتهُ مدرساً في جامع الأزهر، ثم انتقل إلى مدرسة القمحيّة بأمر من صلاح الدين بسبب وفاة بعض المدرسين فيها، كما شغل وظيفة التدريس في مدرسة الظاهرية أو البرقوقية، كما عمل كمدرس لمادة الحديث في مدرسة صرغتمش عام 791هـ.

منصب ولاية خانقاه بيبرس: شغل ابن خلدون هذا المنصب خلفاً لشرف الدين الأشقر، وذلك بعد عودتهِ من أداء فريضة الحج عام 790هـ، بطلب من السلطان الظاهر لتوسعة رزقهُ.

كتبه ومؤلفاته الأدبية
:
قدّم العالم ابن خلدون العديد من المؤلفات والكتب في الكثير من المجالات والعلوم سوآء في علم الاجتماع، أو التاريخ، أو الفلسفة، أو الفقه، أو الحساب، أو المنطق، أو علم الكلام، ومن أهمّ مؤلفات ابن خلدون ما يأتي:
– لباب المحصل: كتب ابن خلدون كتابه هذا في سن لم يتجاوز العشرين عاماً، ويُعدّ أوّل كتاب يؤلفهُ في حياتهِ، حيث شرح فيه أحد كتب علم الكلام.
– شفاء السائل لتهذيب المسائل: شرح ابن خلدون في هذا الكتاب منهج الصوفيّة وأهم نظريّاتهم، وذكر الرجال المشهورين منهم، وأهم مؤلفاتهم، حيث ألف هذا الكتاب بناء على طلب شريحة كبيرة من الناس.
– كتاب العبر وديوان المبتدأ والخبر: هو كتاب كامل اسمه “العبر في ديوان المبتدأ والخبر في أيّام العرب والعجم والأمازيغ ومن عاصرهم من ذوي السّلطان الأكبر”. ويحتوي الكتاب في جزئه الأول على مقدمة ابن خلدون المشهورة .
– المقدمة: تُعدّ المقدمة من أهمّ مؤلفات ابن خلدون، وتُرجمت إلى العديد من اللغات الأجنية، فنالت شهرة كبيرة عُرف على إثرها ابن خلدون عند الغرب قبل الشرق.

– بالإضافة إلى ما جاء في كتب المؤرخين من عناوين لمؤلفات أخرى مثل: شروحه لبعض مؤلفات ابن رشد، وشرحه لنهج البردة، وشرحه على الرجز في الفقه، وكتاب في الحساب والمنطق، وغيرها.

مقدمة ابن خلدون : تُعتبر مقدمة ابن خلدون عملاً رياديّاً أصيلاً، وبحثاً علميّاً تحليّلياً، كمُا تُعدّ موسوعة تُظهر الكيفيّة التي تطورت فيها المجتمعات البشرية، وتشرح كيفيّة التعامل مع التغيرات التي أدّت إلـى التحرك الاجتماعي، أو التي أدّت إلى انهيار هذه المجتمعات وتأخرها، كمّا تُبين طُرق علاجها، لا سيّما أنّ ابن خلدون وضع كافة أفكاره وجُلّ فلسفته في هذه المقدمة، حيث أدخل علماً جديداً في عصره، وهو فن العمران الذي يُسمى في الوقت الحالي بعلم الاجتماع، والسياسية، والاقتصاد السياسي، والاقتصاد الاجتماعي، وفلسفة التاريخ، والقانون العام، وقسّم ابن خلدون مقدمته إلى ستّة فصول على النحو الآتي:
الفصل الأول: تحدث فيه عن آثار العمران على البشر، فبيّن أثر اختلاف الأقاليم والهواء، ونوعيّة التربة، والخصب أو الجوع على ألوان البشر وأبدناهم وأخلاقهم. الفصل الثاني: تحدث فيه عن الفرق بين طبيعة البدواة و الحضارة، من حيث الأنساب، والعصبية، والرياسة، والحسب، والملك، والسياسة، كما تحدث عن القبائل والأمم الوحشيّة.

الفصل الثالث: تحدث فيه عن تكوين الدولة بشكل عام، وطُرق تسيّر أمورها، كما تحدث عن السلطة والخلافة والمُلك، وذكر مراتب السلطان، وكيفية الحفاظ على قيّام الدولة، ووضّح مفهوم البيّعة والولاية، ووصف قواعد الجند والحرب، وأسباب انهيار الدول.

الفصل الرابع: تحدث فيه عن البناء، وأُسس العمارة الاسلامية في بناء المساجد، كمّا تحدث عن البلدان والأمصار، وبناء الهياكل العمرانيّة.

الفصل الخامس: تحدث فيه عن أهميّة الأعمال البشرية، وعن أهمّ الصناعات كالزراعة، والعمارة، والنسيّج، والطب، والوِراقة، والغناء، وغيرها، كمّا تحدث عن طُرق كسب العيش، وطرق توزيع المعاش.

الفصل السادس: تحدث فيه عن العلوم بكافة أصنافها، وشرح كل علم بشكل خاص، وبيّن تاريخه وشروطه، كمّا أوضح أنّ العلم هو أساس الحضارة، وبيّن فروع العلوم وهي اللسانيّة، والطبيعيّة، والرياضيّة، والطبيّة، أمّا الآداب فهي الشعر، والتاريخ، والإلهيّات، وعلم النفس، وعلم النجوم، والعلوم السحريّة.

السنوات الأخيرة في حياة العالم إبن خلدون :
فقد عزم على الانقطاع وترك منصب قاضي المالكيّة، إلّا أنّ حاله في ذلك تراوح بين عزل وإعادة مرات عدّة، وعاش ابن خلدون مراحل حياته الأخيرة زاهداً معتزلاً مفاتن الدنيا ، غير أنّه استمر في مهنة التدريس والتعليم إلى أنّ توفي فجأة في السادس والعشرين من شهر رمضان عام 808هـ، الموافق 16 مارس من عام 1405م، عن عمر يناهز الثمانية والسبعين عاماً، ودفن في مقابر الصوفية في مدينة القاهرة .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى