مقالات

دكتورة نرمين توكل تكتب : إنجاز جديد في منظومة النقل الذكي لرؤية مصر 2030

تتوالى الإنجازات التنموية على أرض مصر، لتجسد على أرض الواقع رؤية مصر 2030 الطموحة، في ظل قيادة سياسية حكيمة وضعت الإنسان المصري في صميم خطط التنمية الشاملة. لم تعد التنمية مجرد شعارات أو أهداف بعيدة المنال، بل أصبحت مشروعات عملاقة تترجم الإرادة الوطنية إلى واقع ملموس يلمسه المواطن في حياته اليومية، ويعكس مسار دولة تسابق الزمن لتحديث بنيتها التحتية في مختلف المجالات.

وفي هذا الإطار، يأتي مشروع المونوريل الكهربائي كأحد أبرز الإنجازات الحديثة في قطاع النقل الذكي والمستدام؛ وهو خطوة متقدمة نحو بناء دولة عصرية تحاكي أرقى المعايير العالمية في التخطيط، والتنفيذ، والإدارة. يمثل المونوريل، المقرر افتتاحه يوم الأحد الموافق 9 نوفمبر 2025، نقلة نوعية غير مسبوقة في البنية التحتية للنقل العام في مصر، إذ يُعد أول مشروع من نوعه في البلاد يعتمد على الطاقة الكهربائية النظيفة، ويسير فوق مسار مرتفع بعيدًا عن الازدحام المروري. ويهدف هذا المشروع الحيوي إلى ربط إقليم القاهرة الكبرى بالمناطق والمدن العمرانية الجديدة شرقاً (القاهرة الجديدة والعاصمة الإدارية)، كما يسهم في تيسير حركة نقل الموظفين والوافدين من القاهرة والجيزة، ليتحقق بذلك التكامل التام مع شبكة النقل القائمة، حيث يتصل مع الخط الثالث للمترو عند محطة الاستاد بمدينة نصر، ومع القطار الكهربائي الخفيف (LRT) بمحطة الفنون والثقافة في العاصمة الإدارية الجديدة. ومن أبرز مميزات المونوريل أنه وسيلة صديقة للبيئة، حيث يعمل بالطاقة الكهربائية دون انبعاثات ملوثة، مما يساهم بفاعلية في تقليل التلوث الهوائي، وتحسين جودة الهواء داخل المدن، ودعم جهود الدولة في مواجهة التغيرات المناخية، إذ يتماشى المشروع كنموذج مصري يحتذى به مع التوجه العالمي نحو النقل الأخضر. وإضافة إلى فوائده البيئية، يعزز المونوريل الاقتصاد الوطني عبر تقليل استهلاك الوقود المستورد، وتخفيف الضغط على الطرق، وزيادة الإنتاجية من خلال تقليل فترات التنقل، بالإضافة إلى توفير آلاف فرص العمل ونقل خبرات فنية وهندسية حديثة إلى مصر من خلال التعاون مع الشركات العالمية المشاركة في تنفيذه. لم يكن طريق تنفيذ هذا المشروع الرائد مفروشاً بالورود؛ فكون المونوريل يمثل تكنولوجيا حديثة تُستخدم لأول مرة بهذا الحجم في مصر والشرق الأوسط ، شكل تحدياً هندسياً ولوجستياً ضخماً، خاصة مع الحاجة إلى إنشاء المسار المرتفع وسط مناطق عمرانية مزدحمة. ومع ذلك، نجحت الإرادة المصرية في تحويل هذه التحديات إلى إنجازات من خلال خطة متكاملة: تم الاستعانة بخبرات عالمية رائدة لضمان أعلى مستويات الجودة والأمان، بينما تم في الوقت ذاته توطين المعرفة وتدريب الكوادر المصرية لتنفيذ الأعمال الإنشائية بدقة عالية، واكتساب خبرة عالمية في أحدث تقنيات البناء والتشغيل. وهكذا، لم يقتصر النجاح على تدشين وسيلة نقل متطورة فحسب، بل شمل أيضاً بناء قدرات وطنية تستطيع قيادة مشاريع النقل الذكي في المستقبل.

في الختام، يمثل مشروع المونوريل الكهربائي أكثر من مجرد خط سكة حديد جديد؛ إنه جسد مادي لرؤية طموحة لمستقبل مصر. هذا الإنجاز، الذي جرى تنفيذه بدقة متناهية وبخبرات عالمية استوعبتها أيادٍ مصرية ماهرة، يؤكد أن الدولة المصرية لا تكتفي بوضع الأهداف، بل تسعى لتحقيقها على أرض الواقع بمعايير عالمية. ومع تشغيل هذا الشريان الجديد للنقل الذكي الصديق للبيئة، والذي يربط قلب العاصمة النابض بمراكزها العمرانية الجديدة، فإن مصر لا تقلل فقط من الازدحام والتلوث، بل تختصر المسافات، وتوفر الوقت، وتزيد من جودة الحياة للمواطنين. ليصبح المونوريل بذلك رمزاً قوياً %8

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى